صورة مفقودة

لمحة تاريخية عن حانين

عندما يتحدث السيد محسن الأمين عن حانين، يركز على الشيخ حسن بن علي بن أحمد الحانيني، وهو عالم أديب، شاعر، منشئ، فقيه، محدّث، جليل القدر، قرأ على أبيه وعلى جملة من العلماء العامليين، كالشيخ نعمة الله ابن أحمد بن خاتون، والشيخ مفلح الكونيني والشيخ إبراهيم الميسي، وأحمد بن سليمان، وصاحبي المعالم والمدارك، ويروي عنهما. له «حقيبة الأخيار وجهينة الأخبار» في التاريخ، و«نظم الجمان في تاريخ الأكابر والأعيان»، و«فرقة الغرباء وسراج الأدباء»، ورسالة في الشفاعة، وأخرى في النحو، وديوان شعر، ولا يوجد من كتبه هذه عين ولا اثر، فقد ذهبت بها حوادث الأيام…
تولى منصب الإفتاء في إمارة فخر الدين المعني، كما يظهر من خلاصة الأثر، وله فيه مدايح، وقبره على جانب الطريق الواصل إلى حانين من بنت جبيل، على يسار القادم من بنت جبيل»، زاره السيد محسن سنة 1348هـ، وقال عنه أنه «دارس، ولو كان في غير جبل عامل لكان مشيداً معظماً» وزاره السيد مرة ثانية سنة 1350هـ. وقال «أرانيه الفاضل الصالح الشيخ عبد الرضا ابن الحاج شبلي الحانيني، وقال، «هذا قبر الشيخ حسن الحانيني».
وفي كتاب الجواهر (جواهر الحكم): ان آل الحانيني أصلهم من مكة المكرمة، وآخرهم الشيخ حسن الحانيني، المشهور بالتقى، آخر أيامه كان أول أيام ناصيف بن نصّار، كان منقطعاً لله في العبادة والزهادة، له سرب في الأرض، يخلو فيه لعبادة ربه».
والذي ذكره من أن آخر أيامه أول أيام ناصيف لا يكاد يتم، فناصيف استشهد سنة 1775م، 1195هـ ، والحانيني توفي 1615م، 1035هـ ، فبين وفاتهما 160 سنة، وهو يبطل ما ذكر، إلا أن يكون رجلاً آخر، والشيخ حسن الحانيني، هو الذي يضرب المثل في جبل عامل، بسجدته، فيقال: كسجدة الحانيني، وهي مشهورة في جبل عامل.ومن علمائها ولده الشيخ عبد العزيز الحانيني بن الحسن بن علي بن أحمد، المتوفي سنة 1067هـ ، والشيخ علي بن أحمد الحانيني، أصل أبيه من المدينة المنورة».
أما الشيخ إبراهيم سليمان، فلم يزد على ما ذكره السيد محسن، سوى ما قاله عن بعض عائلاتها، وعن أرضها، حيث يذكر، أنها «واسعة المساحة جداً، فهي على حدود رميش من جهة القبلة، وعيثا الشعب على الغرب الجنوبي، ودبل، إلى بيوت دبل من جهة الغرب إلى حدود الطيرة (الطيري)، من الشمال، إلى حدود عين إبل من جهة الشرق»، وزاد يوسف محمد شرف الدين: «محمد الشامي بن قاسم الشامي بيتان، وآل شرف الدين بيتان، هو وأخوه علي، وابنه أمين، وله ثلاث بنات.
وهناك الأستاذ علي حسين يوسف… وحمد محمد عيسى من بيت سعادة…» .
حول ملكية حانين التي تحدث عنها الشيخ سليمان، «فيذكر ان مشاكل عديدة حصلت حول ذلك، بين آل الأسعد والأهالي، وبدأت المشاكل في حياة أحمد الأسعد، لكنها بلغت أشدّها أيام ابنه كامل الأسعد، الذي حاول مسح الأراضي، فتصدى له الأهالي، وأقيمت الدعاوى بين الطرفين، وتبرع يومها عدد كبير من المحامين، للدفاع عن حقوق أهالي حانين، واستمرت الدعاوى فترة طويلة» ، وكانت النتيجة لمصلحة الأهالي.
ونقلاً عن مجلة البلاد، ورد أنه أيام الاحتلال العثماني، «جرت حمأة تجنيد إجباري، أدت إلى موت قشقوش قشاقش، حسين سليمان قشاقش… إلخ، وجرح عبد الرسول عباس، وممن ذهب ولم يعد في سفر برلك: سعيد فياض، أسعد فياض، محمد عيسى، علي صوفان، محمد الأطرش… إلخ.
واضطر البعض لبيع كل ما يملكون، مقابل شراء تذاكر للسفر بحراً، «هرباً» من التجنيد الإجباري، وبلغ عددهم 15 فرداً، لم يعد منهم: محمد علي يوسف، محمد خزعل، كريم أبو جهجهة سليم سويدان… إلخ.
عام 1920، كانت هجرة بعض أهل حانين، نحو القرى السبع، جرّاء الأحداث الحاصلة في تلك الآونة، وذكرت جريدة لسان الحال في 9 حزيران سنة 1920، ان من بين الذي صدر بحقّهم حكم الإعدام المقام كامل شحرور (من حانين)، وذلك وفق الوثيقة الصادرة، والمقدمة من ممثل الاحتلال الفرنسي للكولونيل نيجر().
وعام 1926، وجرّاء فتن داخلية مناطقية، اضطرت البلدة للهجرة من جديد، وبشكل أوسع من قبل، وقام الاحتلال الفرنسي بتطويق البلدة، وحرق مزروعاتها.
وبعد سنة من عودة الأهالي إلى قريتهم، فرض عليهم الاحتلال الفرنسي ضرائب مباشرة.
ومع احتلال العدو الصهيوني لفلسطين سنة 1948، حصلت هجرة معاكسة، فاستقبلت حانين أهالي طيربيخا، صفورية… وكرّمت المهجّرين تكريماً «طيباً»، وبعد سنوات، اجتمع الأهالي والمهجّرون في ساحة البلدة، كنوع من الوداع، ويذكر ان الجميع كانوا يجهشون بالبكاء.
وفي سنة 1976، تعرضت حانين لاعتداءات مباشرة من العملاء، ولكنها رفضت الانصياع لرغبتهم، فكان جزاؤها الإبادة، فقد قام العملاء بقطع الطرق المؤدية إلى دبل، وأبقوا على ممر ترابي، ثم حاصروا البلدة بأهلها ومرضاها، مدة خمسين يوماً، وعلى الرغم من الحصار، رفض الأهالي التعامل مع العدو، وكانوا ينقلون مرضاهم بواسطة الدواب، باتجاه الطيري، ثم إلى مستشفى بنت جبيل، وفي 16 تشرين الأول سنة 1976، احتدمت حدة الإجرام في نفوس العدو وعملائه، إلى أن انفجرت بعد إنذارات إخلاء، وتحركات عسكرية، مقابل البلدة، لكن الأهالي تمسكوا بأرضهم، رافضين التزحزح، ولو «شبراً واحداً» .

اترك تعليقا

You must be logged in to post a comment.